نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1234
والذكر ضد الغفلة. والقلب الذاكر غير الغافل، وهو يذكر عهد الله كله، ويذكر وصاياه المرتبطة بهذا العهد ولا ينساها.
... هذه القواعد الأساسية الواضحة التي تكاد تلخص العقيدة الإسلامية وشريعتها الاجتماعية مبدوءة بتوحيد الله ومختومة بعهد الله، وما سبقها من حديث الحاكمية والتشريع ... هذه هي صراط الله المستقيم..
صراطه الذي ليس وراءه إلا السبل المتفرقة عن السبيل:
«وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» ..
وهكذا يختم القطاع الطويل من السورة الذي بدأ بقوله تعالى:
«أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً، وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا» ..
وانتهى هذه النهاية، بهذا الإيقاع العريض العميق..
وضم بين المطلع والختام قضية الحاكمية والتشريع، كما تبدو في مسألة الزروع والأنعام، والذبائح والنذور، إلى كل القضايا العقيدية الأساسية، ليدل على أنها من هذه القضايا. التي أفرد لها السياق القرآني كل هذه المساحة وربطها بكل محتويات السورة السابقة التي تتحدث عن العقيدة في محيطها الشامل وتتناول قضية الألوهية والعبودية ذلك التناول الفريد.
إنه صراط واحد- صراط الله- وسبيل واحدة تؤدي إلى الله.. أن يفرد الناس الله- سبحانه- بالربوبية، ويدينوا له وحده بالعبودية وأن يعلموا أن الحاكمية لله وحده وأن يدينوا لهذه الحاكمية في حياتهم الواقعية..
هذا هو صراط الله وهذا هو سبيله.. وليس وراءه إلا السبل التي تتفرق بمن يسلكونها عن سبيله.
«ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» ..
فالتقوى هي مناط الاعتقاد والعمل. والتقوى هي التي تفيء بالقلوب إلى السبيل..